
أصبحت العقم أكثر شيوعًا في جميع أنحاء العالم، مما يؤثر على ملايين الأزواج الذين يحلمون بإنجاب الأطفال. ورغم أن العلاجات التقليدية مثل التلقيح الصناعي والحقن المجهري قد ساعدت العديد من العائلات، إلا أنها لا تُجدي نفعًا دائمًا مع الجميع. لهذا السبب، يتجه العلماء والمتخصصون في الخصوبة إلى مجال جديد وواعد: علاج العقم بالخلايا الجذعية. تُعرف الخلايا الجذعية بقدراتها العلاجية والتجديدية، وهي تُقدم اليوم أملًا جديدًا للأزواج الراغبين في الإنجاب.
قد تحدث العقم لأسباب عديدة. يعاني بعض الرجال من انخفاض عدد الحيوانات المنوية، أو ضعف حركتها، أو مشاكل هرمونية. أما النساء، فقد يواجهن تحديات مثل انخفاض مخزون المبيض، أو انقطاع الطمث المبكر، أو انسداد قناتي فالوب، أو رقة بطانة الرحم. ورغم أن كل حالة فريدة، إلا أن العديد من مشاكل العقم تعود إلى سبب واحد: تلف أو ضعف الأنسجة التناسلية التي لم تعد قادرة على أداء وظيفتها بشكل سليم. وهنا يأتي دور الخلايا الجذعية. فبقدرتها على إصلاح الأنسجة وتجديدها، قد تساعد في استعادة الخصوبة الطبيعية عندما يتوقف الجهاز التناسلي عن العمل بشكل صحيح.
تُوصف الخلايا الجذعية غالبًا بأنها "خلايا الإصلاح" في الجسم. وعلى عكس الخلايا العادية، فهي قادرة على الانقسام والتحول إلى أنواع مختلفة من الخلايا، كما أنها تُرمم المناطق المتضررة. وتُسهم أيضًا في تقليل الالتهاب وتحسين تدفق الدم، وهما عاملان بالغا الأهمية للصحة الإنجابية. هذه القدرات تجعل الخلايا الجذعية مرشحة واعدة لتحسين الخصوبة بشكل طبيعي.
يركز علاج العقم بالخلايا الجذعية لدى الرجال على إصلاح الأنسجة المسؤولة عن إنتاج الحيوانات المنوية. وتشير الدراسات إلى أن الخلايا الجذعية قد:
تستخدم بعض الأساليب التجريبية الخلايا الجذعية الوسيطة أو الحويصلات الخارجية لدعم ترميم الخصيتين. وتشير النتائج الأولية إلى تحسن في عدد الحيوانات المنوية وجودتها في أنواع معينة من العقم عند الرجال.
بالنسبة للنساء، يستهدف العلاج بالخلايا الجذعية المبيضين والرحم، وهما عضوان أساسيان لحدوث الحمل الطبيعي. وتشير الأبحاث إلى أن الخلايا الجذعية قد:
قد تستفيد النساء اللواتي يعانين من حالات مثل انخفاض مخزون المبيض، أو العقم المرتبط بمتلازمة تكيس المبايض، أو رقة بطانة الرحم، من هذا العلاج الناشئ. ورغم أنه لا يزال قيد الدراسة، فقد أظهرت العديد من النساء تحسناً في الهرمونات والدورة الشهرية بعد العلاج.
رغم أن النتائج واعدة، من المهم إدراك أن علاج العقم بالخلايا الجذعية لا يُعتبر علاجًا نهائيًا حتى الآن. لا تزال معظم العلاجات قيد البحث السريري، وقد تختلف النتائج من شخص لآخر. مع ذلك، تُعدّ التجارب الأولية مُشجّعة، إذ استعادت بعض النساء دوراتهن الشهرية، وتحسّنت مستويات الهرمونات لديهن، كما أظهر الرجال تحسّنًا في جودة الحيوانات المنوية. يتطور هذا العلاج بسرعة، ويعتقد العديد من المتخصصين أنه سيؤدي دورًا محوريًا في مستقبل رعاية الخصوبة.
ومن بين هذه الخلايا، تعد الخلايا الجذعية الوسيطة الأكثر استخدامًا لأنها آمنة ومتاحة ولديها قدرات تجديدية قوية.
عادة ما تكون العملية بسيطة وغير جراحية إلى حد كبير:
غالباً ما يواصل المرضى علاجات الخصوبة، مثل التلقيح الصناعي، بعد العلاج بالخلايا الجذعية للحصول على فرصة أفضل للنجاح.
لا يُقصد بالخلايا الجذعية أن تحل محل التلقيح الصناعي، بل تُستخدم غالبًا لتعزيز معدلات نجاحه. فإذا استطاعت الخلايا الجذعية تحسين استجابة المبيض، أو جودة البويضات، أو إنتاج الحيوانات المنوية، أو صحة الرحم، فقد تزداد فرص الزوجين في الحمل أثناء التلقيح الصناعي.
أصبحت تركيا وجهةً رائجةً لعلاجات الخصوبة التجديدية، إذ توفر تقنيات متطورة بأسعار أقل من العديد من الدول الغربية. وتختلف التكاليف باختلاف نوع العلاج، وحالة المريض، وما إذا كان التلقيح الصناعي ضرورياً أيضاً.
يُعطي علاج العقم بالخلايا الجذعية أملاً جديداً للأزواج الذين عانوا من صعوبة الإنجاب بالطرق التقليدية. ورغم أنه ليس علاجاً نهائياً مضموناً حتى الآن، إلا أن الأبحاث الأولية تُظهر إمكانات واعدة. ومع استمرار التقدم العلمي، قد تُصبح الخلايا الجذعية أحد أهم الإنجازات في مستقبل رعاية الخصوبة، إذ تُتيح فرصة استعادة الوظيفة الإنجابية الطبيعية ومساعدة المزيد من العائلات على بدء رحلتها نحو الإنجاب.